المصريون القدماء وإيمانهم بالإله الواحد: الحقيقة التي زيفها التاريخ
ترجمة نادرة من متون هرمس تكشف العقيدة التوحيدية في حضارة وُصمت ظلمًا بالوثنية
اقرأوا النص الآتي جيدًا؛ فهو ترجمة لصلاة مصرية قديمة عمرها أكثر من ألفي عام، تُعرف باسم «متون هرمس» (Hermetica)، ويُعد من أهم نصوصها، إذ يتحدث عن طبيعة الإله الخالق:
هو الواحد الأحد، لا يشوبه نقص، هو الباقي دوماً، هو الخالد أبداً، هو الواقع الحق، كما أنه المطلق الأكمل الأسمى، هو جماع الأفكار التي لا تدركها الحواس ولا تدركه المعرفة مهما عظمت.
الإله هو الفكر الأول، هو الخفي المتجلي في كل شيء، تُعرف كينونته بالفكر وحده، وتدركه عيوننا في الآفاق، لا جسد له ولكنه في كل شيء وليس هناك ما ليس هو.
لا اسم له، لأن جميع الأسماء اسمه، هو الجوهر الكامن في كل شيء، هو أصل ومنبع كل شيء، هو الواحد الذي ليس كمثله شيء.
فأين الكفر أو الوثنية أو الشرك في هذا الكلام؟ من المستحيل أن يكون من كتب هذا النص عبد صنمًا أو تعددت آلهته، لأنه يتحدث عن الإله الواحد الذي يُرى في كل شيء ولا يراه أحد.
المصريون القدماء لم يكونوا عبدة أصنام ولا مؤمنين بتعدد الآلهة كما يُروَّج، بل كانوا أصحاب فكر توحيدي عميق، لكن التزييف التاريخي الذي طال حضارتهم منذ آلاف السنين كان هدفه طمس هذا البعد الروحي، ووَصمهم بالوثنية عمدًا لأغراضٍ معروفة ولجهاتٍ معروفة.
وهل من المنطق أن يعبدوا أصنامًا في حياتهم، ثم يوحِّدوا الإله عند الموت؟! إنها مفارقة لا يقبلها عقل، ولا يصدر مثل هذا النص إلا عن قومٍ آمنوا بالخالق الواحد الحق منذ فجر التاريخ.
مقالات ذات صلة
تأويل الأحلام في عصر النبي يوسف عليه السلام
زنا المحارم في مصر القديمة
سيدنا إبراهيم عليه السلام وعلاقته بالملك خوفو في مصر القديمة
أنواع الصلاة والترانيم عند المصريين القدماء
في الحضارة المصرية القديمة، كانت العلاقة بين الإنسان والآلهة تُعبَّر بعدة أشكال من الطقوس والنصوص الدينية، ولم تكن الصلاة لديهم على النمط المتعارف عليه اليوم، بل في صورة تراتيل وابتهالات ونصوص مقدسة متصلة بالفكر الروحي العميق. ومن أبرز هذه الأنواع:
1. الأناشيد والترانيم
كان المصريون القدماء يكتبون ترانيم وصلوات شعرية تمجيداً للآلهة، تُركّز على طبيعة الإله وصفاته السامية، وتعبّر عن الامتنان والحمد وطلب النعم. ويُعد الفرق بين الترانيم والصلوات أن الأولى تُستخدم للتمجيد، بينما الثانية تُوجَّه كدعاء أو مناجاة.
ومن أشهرها الترنيمة الكبرى إلى الآتون التي تعود إلى عصر إخناتون، وفيها تمجيد للإله الخالق الواحد في صورة الشمس، بأسلوب روحي قريب من المزامير الدينية اللاحقة.
2. نصوص الجنائز والدفن
شكّلت النصوص الجنائزية جانباً مهماً من الصلوات المصرية القديمة، إذ كانت تُكتب في المقابر أو على التوابيت أو جدران الأهرامات. وقد تنوعت بين:
- نصوص الأهرام: وهي أقدم النصوص الدينية المعروفة، وُضعت لتأمين رحلة الفرعون إلى العالم الآخر وحمايته.
- نصوص التوابيت وكتاب الموتى: امتداد لنصوص الأهرام، واحتوت على أدعية وتراتيل لحماية روح المتوفى وتهديها في رحلتها إلى الحياة الأبدية.
3. الصلوات التوسلية والطلب
مع مرور الزمن، بدأ عامة الناس يكتبون صلوات شخصية موجهة إلى الآلهة، طلباً للحماية أو الغفران أو الشفاء. كانت هذه الصلوات تُنقش على ألواح أو تماثيل صغيرة، وتُترك في المعابد كقرابين نذرية.
4. النصوص الطقسية والاحتفالية
وهي نصوص تُتلى أثناء الطقوس الدينية داخل المعابد، مثل طقوس التطهير وتقديم القرابين وافتتاح الفم، وكانت تُستخدم من قِبَل الكهنة فقط، وتشمل أدعية وتعاويذ مقدسة لضمان التواصل بين الكهنة والإله.
وهكذا نرى أن الصلاة في مصر القديمة كانت منظومة روحية متعددة الأشكال، يجمعها إيمان عميق بوجود إله واحد خالق لكل شيء، مهما اختلفت الأسماء أو الصور الرمزية التي اتخذوها للتعبير عنه.


0 تعليقات
أترك تعليقاً ملائماً