كتابة التعليق على الأفلام - أسرار الصياغة التي لا تظهر على الشاشة

 

      
اكتشف قواعد كتابة التعليق على الأفلام الإخبارية وكيفية صياغة نص متكامل يعمل بتناغم مع الصورة التلفزيونية. تعلّم أساليب التحرير، وإدارة الصمت، ودمج الصور

قواعد كتابة التعليق التلفزيوني: عندما تتحدث الصورة وتُكملها الكلمة 🎥📝

بقلم: د.كرم شلبي

إن القواعد التي سبق ذكرها حول كيفية انتقاء المعلومات التي يجب أن يتضمنها الخبر، وطريقة صياغته من حيث طبيعة الكلمات وبناء الجُمل… كلها تنطبق بطبيعة الحال على تحرير الأخبار في كلٍّ من الراديو والتليفزيون. ⭐
لكن محرر الأخبار في التليفزيون يواجه اعتبارات إضافية فرضتها طبيعة هذه الوسيلة التي تعتمد على الصورة والكلمة المنطوقة في آن واحد. ولذلك تصبح للكلمة المسموعة وظيفة دقيقة ومحددة في علاقتها بالصورة. 🎙️➡️📺

فالمعروف أن النشرات والعروض الإخبارية التلفزيونية — وإن كانت لا ترفض المواد غير المصوّرة إذا كانت ذات أهمية — إلا أنها تعتمد أساسًا على الأفلام التي تنقل الحدث بصريًا. 🎬
وهذه الأفلام قد تكون:

-صامتة بلا أي تعليق صوتي 📴

-أو مصحوبة بتسجيل صوتي للمندوب 🎤

-أو تحتوي على حوار مع شخصية ما 👤

-أو بيان أو تصريح رسمي 🗣️

-أو مجرد أصوات طبيعية مصاحبة للحدث 🔊

وفي مثل هذه الحالات، يكون على المحرر أن يصوغ الخبر المصاحب للفيلم بطريقة خاصة تتلاءم مع التزاوج بين الصوت والصورة. وهنا يُسمّى النص المكتوب: تعليقًا على الفيلم أو تعليقًا على الصورة. 🎬📝
وهي مهمة تحتاج إلى خبرة ودراية، وإلى الالتزام بمجموعة من القواعد الأساسية التي سنعرض لها بالتفصيل.

لماذا تحتاج الصورة إلى تعليق مكتوب؟ 🎬

إن الفيلم أو الصورة المتحركة التي تظهر على شاشة التلفزيون تعبّر في حقيقتها عن «الواقع»… سواء كان واقعًا يحدث في اللحظة نفسها أو واقعًا جرى في وقت سابق.

ومن هذه الحقيقة تستمد الأخبار التلفزيونية قدرتها الخاصة على الإقناع والتأثير، نظرًا لما تتميز به الصورة من قدرة قوية على جذب الانتباه والاهتمام، فضلًا عن المعلومات التي يمكن أن تقدمها بلغتها البصرية الفريدة. ثم — وهذا هو الأهم — قدرتها على تكوين موقف عاطفي لدى المتلقي، سواء كان حزنًا أو فرحًا أو خوفًا أو غضبًا، وهي عواطف لا تستطيع كثير من وسائل الاتصال الجماهيري الأخرى إثارتها بنفس الدرجة والقوة التي تحققها الصورة المتحركة.

غير أنّ الصورة وحدها لا تحكي القصة كاملة. فما تكشفه في بعض الأحيان لا يكون هو الحقيقة كما جرت تمامًا، ولذلك يصبح من الضروري استكمالها بالكلمات التي تشرح وتفسّر وتضع كل مشهد في سياقه الصحيح، حتى يتلقّى الجمهور الخبر بصورة متّسقة مع الواقع.

وأبرز مثال على ذلك التعليقات الصوتية التي صاحبت الأفلام المصوّرة لحادث اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي، وهو الحادث الذي فجر في حينه سيلًا من الشائعات التي كادت تعصف باستقرار الإدارة والشعب الأمريكي. فقد كانت الصورة حينها صادمة ومضطربة، بينما لعب التعليق الهادئ والمنظم دورًا أساسيًا في شرح الحقائق وتهدئة الرأي العام.

لقد كانت الصورة التي نقلتها الكاميرات في ذلك الوقت هي الواقع كما هو، بلا تفسير. كانت جنازة رئيس قُتل بالرصاص؛ مشاهد لموكب مرتبك، وطلقات، ودماء، ودموع… شرطة تنتشر، وتحقيقات تجري، ومتهم يُقتاد، وأرملة ترتدي السواد، وحشود في الكنائس، وأطفال تغمر وجوههم الدموع والذهول. كانت الفوضى حاضرة في كل زاوية من الصورة.

وجاءت التعليقات الصوتية الهادئة المصاحبة لهذه الأفلام والصور المضطربة لتؤدي دورًا مهمًا. فقد أُعدّت بعناية لتشرح وتفسر وتقدّم الحقائق، ولتهدئة مخاوف الناس. كانت التعليقات تضع أمام الجمهور ما يجري داخل غرف التحقيق ومكاتب الإدارة، وتقدّم الأرقام والأسماء وأسئلة الاستجواب… وهي جميعها أمور لا تستطيع الصورة وحدها كشفها. وعلى هذا النحو أسهم التلفزيون — أكثر من أي وسيلة أخرى — في تحقيق التنفيس العاطفي اللازم لاستمرار الدولة وتجنّب الفوضى .

اكتشف قواعد كتابة التعليق على الأفلام الإخبارية وكيفية صياغة نص متكامل يعمل بتناغم مع الصورة التلفزيونية. تعلّم أساليب التحرير، وإدارة الصمت، ودمج الصور

🎬 التعليق على الأفلام… ومجالات استخدامه

على هذا الأساس يمكن القول إن التعليق على الفيلم هو الكلمات المنطوقة التي ترافق الصورة، ويكملان معًا معنى متكاملاً يُراد إيصاله إلى الجمهور.

أما مجالات استخدامه فهي كالتالي:

📰 أ — النشرات والعروض الإخبارية

تتضمن بعض نشرات الأخبار التلفزيونية أفلامًا يتم التعليق عليها من داخل الاستوديو أثناء البث. وعادة تأتي الأفلام الواردة من المراسلين ووكالات الأنباء الفيلمية مصحوبة بتعليقات مكتوبة ومعلومات فنية تمكّن المحرر من صياغة الخبر. وتصل هذه المواد في ورقتين: إحداهما تحتوي على اللقطات ومددها الزمنية والتعليق المتزامن مع كل لقطة، والأخرى تتضمن معلومات تفصيلية إضافية يعتمد عليها المحرر عند الحاجة لإعادة تحرير الخبر.

أما بالنسبة للأفلام الخاصة بالأخبار المحلية الداخلية، فيخرج المندوب عادة برفقة مصور — أو يقوم بالدورين معًا — وينقل الحدث على فيلم، ثم يسجل المعلومات اللازمة لتكون هي المادة الأساسية التي يستند إليها المحرر عند صياغة التعليق

وفي أحيان أخرى تتضمن نشرة الأخبار أفلاماً مصحوبة بتعليق صوتي مسجل عليها، مثلما يحدث في المؤتمرات الصحفية عادة، ولذلك لا تكون هناك حاجة للتعليق من داخل الاستوديو، وإنما يتوقف المذيع عن القراءة تاركاً للمادة المسجلة أن تأخذ طريقها للمشاهدين إلا إذا كانت هذه المادة ناطقة بلغة أجنبية، فيقوم المذيع بالتعليق على الفيلم باللغة المطلوبة بعد ترجمتها عن النص الأجنبي.

وبصفة عامة فإن كثيراً من الأخبار الفيلمية تبدأ بتعليق افتتاحي يقوم فيه المندوب بالحديث، موضحاً أين هو وما الذي يحدث في هذا المكان ثم يدلف إلى تفاصيل الأحداث.. ثم يأتي الفيلم الذي يكون هو جسم الحدث.. وفي النهاية يظهر المندوب وهو يقوم بتلخيص الخبر في تعليق ختامي. وأثناء عرض الفيلم نفسه يمكن الاعتماد على التعليق الصوتي في بعض المواضع الضرورية للخبر، وهذه هي الطريقة الأكثر شيوعاً للفيلم الإخباري المتكامل.

📰 ٢ - المجلات الإخبارية والتحقيقات التليفزيونية

أما الاستخدام الثاني للتعليق على الأفلام فيكون في المجلات الإخبارية والتحقيقات أو الريبورتاجات التليفزيونية، فإذا أراد المندوب إعداد تحقيق تليفزيوني يقدم على شكل فقرة ضمن فقرات المجلة الإخبارية أو في شكل ريبورتاج طويل، فإن التعليق على الأفلام في هذه الحالة لا بد أن يتم من نفس مكان الأحداث.
وذلك لأن المقصود بانتقال كاميرات التليفزيون إلى مكان هذه الأحداث لا يكون لمجرد تصوير تفاصيلها، وإنما لإعطاء انطباع عما يجري، وهذا ما لا يمكن للكاميرا وحدها أن تؤديه كاملاً، ومن ثم تصبح الحاجة ماسة إلى التعليق الصوتي لكي يعطي هذا الانطباع أو الانفعال عن الحادث، وفي مثل هذه الحالة يكون من الضروري استخدام الأصوات الطبيعية كما هي في موقع الحدث.

فإذا تصورنا وقوع حادث حريق مثلاً وانتقلت كاميرات التليفزيون لإجراء تحقيقات إذاعية عن هذا الحريق، فإنه يكون على المندوب أن يستخدم طريقة من اثنتين:

الأولى: أن يظهر في بداية الفيلم ليعلن عن المكان الذي تدور فيه الأحداث ويعطي انطباعاته عنها ويقدم تمهيداً لها، ثم تتوالى لقطات الفيلم بعد ذلك مصورة أهم عناصر الحادث، وبعدها يظهر المندوب في النهاية معلقاً بكلمة ختامية.

الثانية: في الظروف التي تدعو فيها الحاجة إلى الانتقال بين عدة أماكن تصبح عملية التتابع الصوتي مستحيلة وغير مستساغة، ولذا يتحتم على المندوب تسجيل التعليق خارج مكان الحدث أو يتركه لمذيع الاستديو لقراءته.

وبصفة عامة، كلما كانت الصورة الفيلمية قادرة على نقل الحدث بوضوح، قلّت الحاجة إلى التعليق الذي يقدمه المندوب. أما إذا احتاج الخبر إلى معلومات إضافية لا تُظهرها الصورة وحدها، فيمكن إضافة التعليق بطرق مختلفة: إما تسجيله مسبقًا على الفيلم، أو قراءته مباشرة من داخل الاستوديو، أو تسجيله بشكل منفصل على شريط صوتي مستقل عن شريط الصورة. ولكل طريقة من هذه الطرق مزايا وعيوب.

فبالنسبة لتسجيل الصوت على نفس شريط الصورة أثناء تصوير الخبر (Single System)، فإن هذه الطريقة قد تكون فعّالة في بعض المواقف، لكنها تحمل قدرًا من المخاطرة؛ إذ لا يمكن في هذه الحالة الاستفادة من الأصوات الطبيعية المسجلة في موقع الحدث — مثل أصوات الجماهير أو الاستغاثات أو الضجيج أو التعليقات العفوية — دون أن يظهر معها صوت المندوب المسجل أثناء التصوير.
وبالتالي لا يمكن فصل صوت المندوب عن الأصوات الطبيعية إذا دعت الحاجة، مما يعني أن الفيلم لا يمكن استخدامه إلا صامتًا إذا تقرر الاستغناء عن التعليق الصوتي أثناء البث. وفي هذه الحالة يفقد الخبر جزءًا كبيرًا من تأثيره، لأن صوت المندوب يُعد عنصرًا أساسيًا لوضع المشاهد داخل المشهد، وشرح وتفسير ما تنقله الكاميرا.

أما بالنسبة لطريقة تسجيل الصوت منفصلًا على شريط آخر غير شريط الصورة (Double System)، فإنها تتفادى تمامًا هذه المشكلة، إذ يمكن الاستغناء بسهولة عن الشريط الصوتي القديم، على أن يقوم المحرر بكتابة تعليق جديد إذا كانت المادة السابقة قد أصبحت غير مناسبة أو تقادمت عند وقت بث الخبر. وفي هذه الحالة تتم قراءة النص الجديد “الطازج” بصوت المذيع على الهواء مباشرة.

أما إذا كان المحرر يستهدف الجمع بين التعليق المسجّل على الفيلم والتعليق من داخل الاستوديو، فعليه تحقيق توازن دقيق بينهما بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر، خصوصًا وأن جودة الصوت تختلف في الحالتين؛ فصوت المندوب المسجل في موقع الحدث يختلف تمامًا عن صوته داخل الاستوديو.
ويمكن تجاوز هذا التباين إذا تم الفصل بين تعليق الفيلم وتعليق الاستوديو باستخدام فواصل صوتية، مثل الأصوات الطبيعية في موقع الحدث، أو صوت شخصية تجري معها مقابلة، بما يحقق سلاسة في الانتقال ويحفظ وحدة الإيقاع

🎥 الأفلام التسجيلية الوثائقية

أما الاستخدام الثالث للتعليق على الأفلام فهو في الأفلام الوثائقية، والتي يرتبط بعضها أحيانًا بالعمل الإخباري. يكون دور التعليق هنا هو شرح الصورة وتكملتها، إذ جرت العادة على تصوير هذه الأفلام في الأماكن المختلفة التي تتعلق بموضوع الفيلم، وفي جميع مواقع الأحداث. بعد ذلك تُرتب اللقطات ترتيبًا زمنيًا، ثم يُكتب التعليق المصاحب ويسجل بصوت مذيع محترف.

علاوة على ذلك، عند وضع الخطة المبدئية للفيلم الوثائقي تُحدد الخطوط العريضة والتصور الأولي للتعليق، ثم تبدأ العمليات التنفيذية الأخرى. وسوف يتم عرض المزيد من التفاصيل حول الأفلام الوثائقية وإعدادها في موضوع مستقل لاحقًا.

📝 القواعد الأساسية لكتابة التعليق

لا بد أن يكون مفهوماً في أي عمل سينمائي أو تليفزيوني أن الصورة هي الأساس، ثم يأتي التعليق ليكمل المعنى ويقدّم المعلومات التي لا تستطيع الصورة وحدها نقلها. ويجب أن تعطي الصورة معظم ما نريد قوله للجمهور، على أن يكون التعليق متزامنًا تمامًا معها، ولا يسير في اتجاه مستقل.

وبما أن الصورة هي العنصر الأكثر جذبًا للانتباه مقارنة بالكلمة، فإن اعتمادنا عليها يكون في المقام الأول لتكون المعبر الأساسي عن الخبر.. ثم يأتي بعد ذلك دور الكلمة، الذي يظل ضروريًا في معظم الحالات، إذ رغم أهمية الصورة، فإنها وحدها لا تستطيع تقديم القدر الكافي من المعلومات ليكتمل المعنى المطلوب للمشاهد.

ولذا ينبغي استخدام الكلمة لكي تؤدي دورها في تكملة الصورة، وإن كان هذا سيبقى دائماً تابعاً للصورة وليس مقدماً عليها.

وليس معنى هذا التزامن والتطابق بين الصورة والصوت أن تكون الكلمة المنطوقة في التعليق هي مجرد شرح للمعلومات التي تتضمنها الصورة التي يراها المشاهد وتكراراً مملاً بدلاً من أن تكون إضافة جديدة، فالأساس أن تنطق الكلمة بما لا تقوله الصورة وبما يشرح معناها ويفسرها.

وهذا هو الفارق الرئيسي بين الراديو والتليفزيون في الإذاعات الحية فبينما مذيع الراديو مطالب بشرح كل شيء بالكلمة وتحويل كل صورة أمامه إلى كلمات منطوقة، نجد مذيع التليفزيون أثناء عملية النقل نفسها يبتعد كلية عن ترجمة الصورة التي أمامه إلى كلمات ويكتفي فقط بمجرد التمهيد لها فيقول مثلا (وتقدم الرئيس الآن لاستعراض حرس الشرف) ثم يصمت تماماً ليترك الصورة تتكلم بلغتها الخاصة عن عملية الاستعراض هذه، بينما مذيع الإذاعة يقوم بنفسه بشرح هذه العملية بكل تفاصيلها تقريباً حتى يهيء للمستمع أقرب تصوّر للحادث الذي ينقله.

ومن هنا نشأت ضرورة فرضت نفسها على كتابة التعليق على الأفلام وهي ترك مساحات زمنية صامتة على الفيلم بلا تعليق، وهذا الصمت ليس مقصوداً لذاته بالطبع ولكنه يؤدي وظيفة هامة هي إراحة المشاهد على أنه لا بد من توافر عدة عناصر بشكل أساسي عند كتابة التعليق على الأفلام. ومن هذه العناصر :

۱ - توفر المعلومات الخاصة بالفيلم وخاصة أسماء الشخصيات لأنها عادة ما تكون هي محور الأحداث.

2- النص الخاص بالصور .. قائمة اللقطات التي تتضمن الآتي:

أ - موضوع اللقطة

ب - شكل اللقطة (كبيرة) - متوسطة : . . عامة . . . إلخ . . )

جـ ـ مدة اللقطة (الوقت الذي تستغرقه).

3- الالتزام بقواعد التحرير الإذاعي والبعد عن الصيغ الأدبية.

٤ - الالتزام بالزمن المحدد تماماً لكل لقطة من لقطات الفيلم أو مجموعة لقطات مترابطة.

ويلعب الصمت دوراً آخر في التعليق على الأفلام عندما يتضمن الفيلم ذروة إخبارية مثيرة كانفجار قنبلة أو انهيار منزل أو عمليات شغب عنيفة، ففي هذه الحالة لا بد أن يمهد التعليق لهذه الذروة ثم تحدث فترة صمت طوال مدة عرض الذروة الإخبارية، سواء كانت مصحوبة بأصوات الحدث أو غير مصحوبة، ثم يتتابع التعليق بعد ذلك مكملاً الحدث أو معلقاً عليه، وهناك من المحررين من يفضل عدم التمهيد للذروة الإخبارية فيتركها لتفاجيء جمهور المشاهدين ثم يأتي التعليق بعد ذلك موضحاً وشارحاً.

كتابة التعليق على الأفلام - أسرار الصياغة التي لا تظهر على الشاشة

إرسال تعليق

0 تعليقات

© جميع الحقوق محفوظة لموقع الشمس اليوم