تحرير السينما من النمطية
كتب : محمد داوود
حرروا السينما من - من الأنـا
الأسلوب" في السينما
"وجعل الأشياء على نفس النمط والصنف"
تتميز السينما "الفن السابع" بهوية غير ثابتة، يعرفها المختصون على أنها وعي بالذات الثقافية والاجتماعية، تتحول تبعا لتحول المجتمع وسعة جماهيره، وتتميز بكونها سريعة الانتشار، لأن "عرض الفيلم غير محدود أو مشروط بزمان أو مكان"، كما أنها وسيلة تواصل بدون انقطاع، وفي أعمق معانيها تتوجه إلى الفرد في المجتمع بتنوع انتمائه الفكري والثقافي، كأداة للتعبير عن معاناته وانشغالاته.
فالهوية في السينما انتماء وعلاقة شراكة قائمة على قيم وتراث وثقافة، ينتج عنها أصول وجذور يُبنى عليها حاضرها، بكل تأثيراته التي لا تتيحها الفنون الأخرى.
الهوية السينمائية لا تعني بتاتا أن يتبنى "مخرج الفيلم" علامات أو شعارات يتم ترديدها ترمز إلى شيء أو تدل عليه، أو حشو الفيلم بقضايا فكرية تحول دون المتعة الجمالية التي تعني "التأثر الناتج عن التأمل في الأشياء الجميلة"، وهو الشرط الأساسي في هذا النوع من الفن.
إن الفهم وسلامة الإدراك في العمل السينمائي، هو أن يترجم المخرج قدرته الإبداعية بشعور الكائن الحي وبما تدخره نفسه "كهوية" وما يحيط به "كوطن". فما يُعرض في الفيلم من "صدق فني" يجب أن يتذوقه المتلقي كعمل فني يستمتع به ويقدر قيمته ويتذوق جماله، أينما حل وفي أي مستوى كان.
لا يكتسب الفيلم "هويته" من قدرة مخرجه على إتمام بناء مراحله في أسرع وقت ممكن، ولكن من قدرة وقوة وتمكن توجهه إلى الفرد في المجتمع بغضّ النظر عن لغة وتعابير وتقنيات التواصل المعتمدة في الفيلم.
لا يمكن أن تتحقق "هوية الفيلم" إلا حين يستوعب "المخرج" تراثه وثقافته وتراكمات المجتمع الذي يعيش فيه كقضايا آنية، يعرضها في رؤى لا تتشابه مع غيرها في الطرح والمعالجة.
"الأسلوب"، "وجعل الأشياء على نفس النمط"، هي الأخرى لا تسمح بانكشاف جماليات التجسيد الفني للعمل السينمائي الوطني الذي يحمل هموم المجتمع وانشغالات أفراده، ولا يعتبر عنصراً يعتمد عليه في ترسيخ "هوية" السينما الجزائرية مستقبلا.
انفتاح السينما على المحيط الاجتماعي وكل ما اتصل بالوضع فيه عامة، دون تزييف للقضايا، يعتبر "تمسكا بالهوية الوطنية" وما اتسمت به من سمات وخصائص تميز المجتمع و"تتكون حقيقة وجوده وشخصيته المتميزة".

0 تعليقات
أترك تعليقاً ملائماً