السنوات السبع العجاف بين يوسف عليه السلام والملك زوسر: الحقيقة المخفية في النقوش المصرية القديمة

سنوات القحط السبع

🏺 سلسلة تصحيح التاريخ – "سنوات القحط السبع" 

✍️ بقلم: د. محمد راشد
📚 مراجعة: د. زاهي حواس


📜 سنوات القحط السبع

ورد باللوحة التي عُثر عليها بجزيرة سهيل في أسوان نصوصاً ترجع إلى بطليموس الثاني (284-246 ق.م)، والذي أمر كهنة خنوم بتدوينها.
وتضمنت هذه النصوص أنه في العام الثامن من حكم "نثر-إر-خنت (زوسر " — صاحب المقبرة الملكية الهرمية المدرجة في جبانة سقارة وأحد ملوك الأسرة الثالثة من عصر الدولة القديمة — حدثت مجاعة شديدة امتدت لمدة سبع سنوات متصلة.

وعن مشورة استشارها هذا الملك لوزيره "إيمحوتب" — الذي عُرف بالحكمة والموعظة — بعد أن رأى في منامه حلمًا قال فيه:

"قلبي مثقل بالهموم، وفيضان النيل لم يصل في موعده طوال سبع سنوات، والغلال نادرة، والحبوب جفت، والغذاء شحيح.
قلّ دخل الناس وتقلص، ووصل الإعياء بالجميع حدًّا أقعدهم عن الحركة، الطفل يبكي، والشباب بائس، والشيوخ مثقلة قلوبهم حزناً.
سيقانهم منثنية وهم جالسون على الأرض وقد أخفوا أيديهم، وعمت الفاقة لتشمل رجال البلاط، المعابد أغلقت وتراكمت الأتربة فوق الأهرام المقدسة، لقد عمّ الأسى الوجود كله."

وانكب الملك زوسر يبحث في السجلات حتى توصل إلى معرفة مصدر الفيضان، وهو الإله خنوم سيد الفنتين، فخصّه بالعطاء والتقرب إليه، فجاءه الإله في المنام وقال له:

"لأجلك أمرت أن ترتفع مياه النيل، ولن تشهد سنوات تنخفض فيها مياه الفيضان،

لن يصيب الجفاف أرضاً وسوف تنمو النباتات منحنية تحت ثقل الثمار."


📜 إشارات بردية أخرى

كما ورد أيضًا في بردية ليننجراد التي تؤرخ بعصر الدولة الحديثة — والتي أطلق عليها "أسك تحذيرات المتنبئ نفر-روهو" — إشارة إلى حدوث قحط في أرض مصر، وإن لم يحدد الكاتب مدته، وجاء فيها:

"وأصبح نيل مصر جافًا، فيمكن للإنسان أن يخوضه بالقدم."

وجاء في بردية سي أوزير التي تؤرخ بالقرن الأول الميلادي — وتتناول أحداثًا ترجع إلى عصر الدولة الحديثة — أن أميرًا حبشيًا قال:

"لولا أنني أخشى أن يصيبني آمون بسوء أو يتخذ ملك مصر شيئًا فظيعًا ضدي،

لكنت ألقيت بسحري على مصر فأجعل البلاد تجدب ثلاث سنوات."

بردية ليننجراد



🕊️ الصلة بعصر يوسف عليه السلام

ومما يؤكد أن هذا الحدث يرجع إلى عصر يوسف عليه السلام أن المجاعات التي حدثت في مصر على امتداد تاريخها لم تكن تستمر هذه السنوات المتصلة باستثناء المجاعة التي وقعت في عصر سيدنا يوسف عليه السلام، وكان ذلك لإرادة الله عز وجل.

وهذا يدعو إلى التساؤل:
لماذا كان الكُتاب المصريون يحاولون أن ينسبوا الأحداث التي تتصل بالرسالات السماوية إلى شخصيات وعصور مختلفة؟

فهم لم ينسبوا الأحداث إلى يوسف عليه السلام والملك الذي كان يعيش في عهده، ولكنهم نسبوها إلى وزير مصري يدعى إيمحوتب نال شهرة كبيرة منذ عصر الدولة القديمة وحتى العصر اليوناني الروماني، وإلى الملك الذي كان يعيش في عصره وهو الملك زوسر.

فما الذي دفع الكُتاب المصريين إلى ذلك؟
هل لرغبتهم في طمس معالم الدين السماوي أو التشكيك فيما أوردته التوراة بخصوص ذلك، وخاصة أن هذه النصوص المصرية القديمة قد كُتبت بعد تدوين التوراة في القرن السادس قبل الميلاد؟

ولا يمكننا الادعاء بأن الكُتاب المصريين لم يكن لديهم علم بالأحداث الحقيقية،
وخاصة أنه كانت هناك جالية يهودية تعيش في أسوان، وكان بعض أفرادها يعلمون بنصوص التوراة وينشرونها فيمن يخالطونهم من المصريين القدماء.


🧩

إن ما عُثر عليه من نصوص في جزيرة سهيل بأسوان — رغم أهميته التاريخية — إلا أنه يعكس محاولة لإعادة صياغة حدث ديني بمعنى دنيوي،
ويُرجَّح أن سنوات القحط السبع التي وردت في النقوش المصرية هي ذاتها السنوات التي شهدتها مصر في عهد النبي يوسف عليه السلام،
لكنها نُقلت على نحو يُلائم الموروث العقائدي للمصريين القدماء، ضمن عملية تكييف ثقافي وتاريخي للحدث السماوي.

📚 مراجع ومصادر بحثية إضافية


المراجع : بريتشارد ،ج: نصوص الشرق الأدنى القديم الجزء الأول ، تعريب/عبدالحميد زايد القاهرة،1987،ص116-144 نيقولا جريمال ، تاريخ مصر القديمة ، تعريب ماهر جويجاني القاهرة 1991 ص 80

إرسال تعليق

0 تعليقات

© جميع الحقوق محفوظة لموقع الشمس اليوم