تأويل الأحلام في عصر النبي يوسف عليه السلام
📜 كتب: أبوصالح الألفي
يُعد علم تأويل الأحلام من العلوم التي شغلت الإنسان منذ فجر التاريخ، وقد تبلورت صورته الأولى بشكل واضح في عصر النبي يوسف عليه السلام، الذي وهبه الله تعالى القدرة على فهم الرؤى وتأويلها بما يتجاوز حدود الزمان والمكان.
📚 تأويل الأحلام وكتاب الدولة الحديثة
إن كتاب تفسير الأحلام الذي ظهر في عصر الدولة الحديثة بمصر القديمة، هو في الأصل نقل لما تركه النبي يوسف عليه السلام لقومه، فقد حفظوا علمه وورّثوه للأجيال حتى دوّنه الكُتاب المصريون القدماء بعد طرد الهكسوس من البلاد.
وقد عيّن الهكسوس كثيرًا من المصريين حكّامًا على أقاليمهم، فنشأت علاقات قائمة على المصالح المشتركة، وكان هؤلاء الحكام على علم بما يجري في قصور الهكسوس من وقائع تتصل بيعقوب ويوسف والأسباط ودعوتهم. إلا أن هؤلاء الحكام الموالين للهكسوس لم يكونوا ملتزمين بنشر دعوة أنبياء بني إسرائيل لأنهم كانوا تحت الاحتلال ومضطهدين.
🌍 العلاقات الثقافية وتأثير بلاد الشام
كما يمكن أن تكون العلاقات الثقافية والعلمية والعسكرية بين مصر القديمة وبلاد الشام وراء انتقال علم تفسير الأحلام إلى المصريين، إذ تأثرت ممالك الشام ببعض شرائع وعقائد بني إسرائيل، وأخذوا منها ما ينفعهم من المعارف، ومنها علم تأويل الرؤى.
وقد وقع عدد من بني إسرائيل في الأسر أثناء حملات الملوك المصريين منذ عهد تحتمس الثالث وحتى بداية الأسرة العشرين من الدولة الحديثة، مما ساعد على انتقال بعض علومهم وأفكارهم إلى المصريين القدماء.
👑 التأثير الآسيوي في البلاط الملكي المصري
شهدت العلاقات المصرية الآسيوية تحسنًا كبيرًا خلال عهد تحوتمس الرابع وأمنحتب الثالث، الذي كانت تسري في عروقه دماء آسيوية. وقد تزوج بعض ملوك مصر من أميرات وملكات من بلاد الشام، وامتلأت القصور بالفتيات الجميلات والجواري الآسيويات، كما التحق بها العديد من الموظفين ذوي الأصول الآسيوية.
هذا الاندماج الثقافي كان كافيًا لنقل بعض الأفكار والعقائد المرتبطة ببني إسرائيل، ومن ضمنها علم تفسير الأحلام الذي اشتهر به يوسف عليه السلام.
🌙 النبي يوسف عليه السلام وتأويل الرؤى
لا يمكننا فصل علم الأحلام وتفسيرها عن النبي يوسف عليه السلام، إذ كان أول من عُرف بقدرته على تفسير الرؤى التي يراها النائمون. وقد أكد القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى على لسان يوسف:
"رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۖ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" (سورة يوسف - الآية 101)
كما جاء على لسان يعقوب عليه السلام قوله لابنه:
"يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَىٰ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ" (سورة يوسف - الآية 5)
🔍 أثر علم يوسف على الحضارة المصرية
لقد أصبح تأويل الأحلام بعد عصر يوسف عليه السلام جزءًا من الفكر الديني والروحي للمصريين القدماء، وسُجل في بردياتهم وكتبهم ضمن ما يُعرف بـ«كتب الأحلام»، التي حاولت ربط الحلم بالواقع والتنبؤ بالمستقبل.
ومن ثم فإن الأثر الذي تركه يوسف في مصر لم يكن فقط اقتصاديًا أو إداريًا كما في قصة المجاعة، بل امتد إلى المجال العقائدي والروحي أيضًا.
📖
يمكن القول إن علم تفسير الأحلام عند المصريين القدماء يعود بجذوره إلى إرث النبي يوسف عليه السلام، الذي علّم قومه هذا العلم بوحي من الله تعالى، ثم انتقل إلى المصريين بفعل التفاعل الثقافي والحضاري بين الشعوب في الشرق الأدنى القديم.
🔗 روابط ومصادر مهمة مقترحة
- النبي يوسف عليه السلام – ويكيبيديا
- تفسير الأحلام – ويكيبيديا
- قصة يوسف عليه السلام – إسلام ويب
- The Story of Joseph – Britannica (English)
- Ancient Egyptian Dream Books – Archaeology.org
- يوسف عليه السلام, تفسير الأحلام, مصر القديمة, كتب الأحلام, الدولة الحديثة, علم الرؤى, الحضارة المصرية, علم النفس القديم, الهكسوس, الأنبياء في مصر
المراجع: رمضان علي :حضارة مصر القديمة،الجزء الثاني ،سلسلة الثقافة الأثرية والتاريخية (42) القاهرة2004ص 656-658،بيير مونتيه


0 تعليقات
أترك تعليقاً ملائماً