تصحيح الحدث التاريخي المتصل بموسى عليه السلام (انفلاق البحر)

انفلاق البحر

🏺 تصحيح الحدث التاريخي المتصل بموسى عليه السلام (انفلاق البحر)

⚡ القصة في الأدب المصري القديم (بردية وستكار)

ورد في بردية وستكار أن الملك سنفرو – أول ملوك الأسرة الرابعة في عصر الدولة القديمة (حوالي 2600 ق.م) – كان يعاني من الكآبة والحزن، فأشار عليه أحد الكهنة المرتلين بأن يقوم بنزهة ملكية في بحيرة القصر برفقة مجموعة من جواري القصر الجميلات لتجديد نشاطه وإدخال السرور على قلبه.

وأثناء الرحلة، سقطت حلية ذهبية ثمينة من إحدى الفتيات في قاع البحيرة، فتوقفت عن الغناء، وحلّ الحزن على الجميع. حاول الملك تعويضها بحلية أجمل، لكنها رفضت وأصرت على استعادة حلية أمها الأصلية.

حينها، استدعى الملك رئيس الكهنة المرتلين ليجد حلًا. فأجرى هذا الكاهن طقوسًا سحرية أدت إلى انشقاق ماء البحيرة نصفين، حتى ظهرت الحلية في القاع، ثم أعاد الماء إلى وضعه الطبيعي، فعاد الفرح إلى القصر.

القصة كما وردت في الأدب المصري القديم كانت رمزية وساحرة الطابع، غايتها الترفيه وإبراز قدرات الكهنة الروحية، ولم يكن لها ارتباط ديني أو عقائدي.


🌊 المقارنة مع قصة موسى عليه السلام

تشترك القصة المصرية القديمة مع قصة موسى عليه السلام – كما وردت في القرآن الكريم – في عنصر شق الماء، غير أن الفارق بين الحدثين جوهري:

  • في القصة المصرية: الحدث تم على يد كاهن وبهدف دنيوي (إسعاد الملك واسترجاع الحلية).

  • أما في القصة القرآنية: الحدث تم على يد نبي من أنبياء الله وبأمر إلهي لإنقاذ المؤمنين من فرعون، فشق البحر بعصاه ومرّ بنو إسرائيل في طريق يابس، ثم انطبق البحر على فرعون وجنوده.

إذن، التشابه ظاهري في الصورة فقط (شق الماء)، أما الجوهر فمختلف تمامًا:
الأولى خرافة أدبية سحرية، والثانية معجزة إلهية موثقة بالوحي.


🧭 التوضيح التاريخي والزمني

من الناحية التاريخية، بردية وستكار كُتبت في عصر الدولة الحديثة (حوالي 1500–1100 ق.م)، أي بعد زمن موسى عليه السلام وليس قبله، حتى وإن أُعيدت صياغة القصة على لسان الملك سنفرو من الدولة القديمة.
وقد أشار علماء المصريات إلى أن هذا الأسلوب كان شائعًا في الأدب المصري، إذ كان الكُتّاب ينسبون القصص القديمة إلى ملوك سابقين لإضفاء القداسة والأهمية عليها.

وبالتالي فإن القول بأن معجزة موسى مأخوذة من قصة سنفرو غير دقيق، لأن نص بردية وستكار جاء بعد موسى بزمن طويل، وليس العكس.


🏛️ دلالة القصة في الثقافة المصرية

في الأدب المصري، شق الماء كان رمزًا للفرح والانتصار والتجدد، لا للحزن أو الهلاك.
بينما في القصة القرآنية، كان شق البحر معجزة خلاص للمؤمنين، ونقمة على الظالمين (فرعون وجنوده).
لذا فإن الربط بين القصتين غير قائم إلا من حيث الصورة الأدبية المجازية، أما المضمون الزمني والعقائدي فهو مختلف جذريًا.

موسى عليه السلام وانفلاق البحر



📚 المراجع والدلالات

  • 📜 بردية وستكار (Westcar Papyrus): محفوظة بالمتحف المصري ببرلين.
  • 📖 القرآن الكريم – سورة الشعراء (الآيات 60–67): قصة انفلاق البحر.
  • 📚 تفسير الطبري وابن كثير: في بيان معجزة موسى عليه السلام.
  • 🏺 الكاتب المصري القديم: استخدم الحدث كقصة رمزية لا علاقة لها بالأنبياء أو المعجزات الإلهية.
  • 🧩 دراسات مصرية حديثة: مثل أعمال “ألان جاردينر” و“باربرا واتسون” التي تؤكد أن النص كُتب في الدولة الحديثة وليس القديمة.

قصة شق الماء في بردية وستكار هي عمل أدبي رمزي كتب بعد زمن موسى، واستخدم فكرة شق الماء كرمز سحري لإدخال السرور.

أما انفلاق البحر على يد موسى عليه السلام فهو حدث معجز إلهي موثّق دينيًا وتاريخيًا، لا يمت بصلة لتقاليد الأدب المصري القديم سوى في التشابه الشكلي بين المشهدين.

🔦إعداد فريق موقع الشمس اليوم


المراجع:سليم حسن:المرجع ص8 - سيد القمني:النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة،الجزء الثالث:القاهرة 1999،ص909-911أشكال93-99

إرسال تعليق

0 تعليقات

© جميع الحقوق محفوظة لموقع الشمس اليوم